الخيال حينما يكون أصدق من الواقع

أربعُ قصص للأطفال تنشرها «الأسرة» لجيل المؤسّسين في «يوم الطفل»


الكاتب : حسين خليل : صحيفة الأيام ، العدد 11921 السبت 27 نوفمبر 2021 الموافق 22 ربيع الآخر 1443 رابط المقال : https://alay.am/p/55pt




دأبت أسرة الأدباء والكتاب في البحرين على نشر عدد من الإصدارات السردية، لكن الجديد هذه المرة هو إصدار أربع قصص للأطفال، لأربعة من الكتاب، من جيل المؤسّسين لأدب الأطفال في البحرين. وتأتي هذه الخطوة، في اليوم الذي يحتفل فيه العالم بيوم الطفل العالمي في العشرين من نوفمبر. وهي خطوة رائدة تقوم بها الأسرة؛ لتعريف القراء، سواء داخل البحرين أو خارجها، بنماذج من الكتابات البحرينية الراقية في هذا المجال. أول ما لفت انتباهي في الإصدارات التي صمّمها الفنان يوسف القصير، هو حجم الورق المستخدم، والمصمَّم بشكل أفقي، وهو حجم غير مألوف، مع أغلفة ذات ألوان باهرة، وكأن الناشر يريد أن يوصل رسالته باكرًا، بأن هناك احتفاءً خاصًا بهذه الإصدارات الأربعة. وتأتي القصص في طبعة ثانية؛ وهي إشارة إلى أن ما تم نشره هو من أفضل ما قدّمه المؤلفين من نتاج.


(أجمل من قوس قزح) لخلف أحمد خلف


القصة الثانية هي للكاتب خلف أحمد خلف، والتي تصدمك مباشرة من العنوان؛ لتتساءل: ما هو هذا الشيء الذي هو (أجمل من قوس قزح)؟ مع صورة الغلاف التي يظهر فيها عصفور ملون بألوان بهيجة.في القصة بإمكانك أن ترصد خطوطًا متوازيةً، فهناك خط يبدأ من لحظة تكسّر قشرة البيضة وخروج العصفور، وينتهي بتكوين ذات العصفور لعش جديد، لتكون فيه بيضة جديدة.وهناك خط يبدأ من محاولة فهم الذات، ويمر بأسئلة محيرة، إلى أن يصل الطائر إلى مرحلة الرضا والقناعة.وخط آخر يسير على سكة الحب، من نقطة الإعجاب ثم الانجذاب إلى الحب والزواج وتكوين الأسرة. هذا، بالإضافة إلى خطوط البحث عن الجميل في هذه الحياة، والتشريق والتغريب، حتى تحط المشاعر أخيرًا عند الوطن، بكل ما يحمله من معاني سامية. كل هذه الخطوط تسير متداخلة في حبكة واحدة. القصة تطرح سؤالًا عميقًا وهو: هل نحن نأتي إلى الدنيا بألواننا أم أننا ننتزع الألوان التي نحبها بأنفسنا؟ هي قصة الألوان، الألوان التي نراها، وألوان المشاعر، وألوان الأفكار.فاللون في القصة ليس هو اللون البصري، وإنما اللون كقيمة، وكرمز لتنوع مكونات المجتمع.القصة تحمل مقولة شفافة، لن تراها بشكل مباشر، وإنما ستشمها في رائحة العشب وعطر الأزهار، وفي ضوء الشمس ودفئها، وفي حب النقطة الأولى، والعش الأول، مقولة أن المجتمع لا يستطيع النهوض إلا بكامل أجزائه، وأن عملية النهوض هذه، ستكون ناجحة إذا كانت هذه الأجزاء حرة.هذه القصة، طبعت لأول مرة في العام 1979، أي أنها أول عمل ينشره الكاتب، أو أنها (ثاني اثنين)، إذ أنه نشر قصتين في ذات العام، وهذه إحداهما.وباختيار الكاتب لهذه القصة لكي تعاد طباعتها بطبعة جديدة متناسبة في صورها وألوانها مع اللحظة الراهنة، تتجلى مشاعر الكاتب مع إصداراه الأول، أو الابن البكر، فمهما كتب بعده، ومهما نمت تجربته، يظل الإصدار الأول يبعث مشاعر خاصة لدى الكثير من الكتاب.كما يدل ذلك على أن الكاتب لم يخض غمار النشر إلا بعد مران طويل، حتى يكون عمله الأول بهذا الإتقان، سواء المران بالكتابة غير المنشورة، أو المنشورة في المجلات، أو حتى بما كان يقوم به في الفترة التي عمل فيها مدرسًا، إذ كان يتفنن في تحويل مادة الكتاب الساكنة إلى قصص متحركة، ويحول الحروف إلى شخصيات مرحة، أمام طلابه المحظوظين، الذين حصلوا على فرصة جميلة لإثار مساحة الخيال الكامنة في نفوسهم، وتمرينهم دائمًا على ذلك التساؤل الذهبي: ماذا لو؟